وضافةُ التربُّصِ إلى الأشهرِ فيها قولان، أحدهُما: أنَّه من بابِ إضافةِ المصدر لمفعولِه على الاتساع في الظَّرْفِ حتى صارَ مفعولاً به فأُضيفَ إليه والحالةُ هذه. والثاني: أنه أضيفَ الحَدَثُ إلى الظرفِ من غيرِ اتِّساعِ. فتكونُ الإِضافةُ بمعنى "في" وهو مذهبٌ كوفي، والفاعلُ محذوفٌ تقديرُه: تربُّصُهم أربعةُ أشهرٍ.
قوله: ﴿فَآءُوا﴾ ألفُ "فاء" منقلبةٌ عن ياءِ لقولِهم: فاء يفيءُ فَيْئَةً. رجَع. والفَيءُ: الظِلُّ لرجوعِه من بعد الزوال. وقال علقمة:
٩٦٨ - فقلتُ لها فِيئي فما تَسْتَفِزُّني * ذَواتُ العيونِ والبنانِ المُخَصَّبِ
* ﴿ وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿عَزَمُواْ الطَّلاَقَ﴾: في نصبِ "الطلاق" وجهان، أحدُهما: أنه على إسقاطِ الخافضِ، لأنَّ "عزم" يتعدَّى بـ"على"، قال:
٩٦٩ - عَزَمْتُ على إقامةِ ذي صباحٍ * لأمرٍ ما يُسَوَّدُ مَنْ يسَودُ
والثاني: أن تَثَمِّن "عزم" معنى نَوَى، فينتصبَ مفعولاً به.
والعَزْم: عَقْدُ القلبِ وتصميمُه: عَزَمَ يَعْزِم عَزْماً وعُزْماً بالفتحة والضمة، وعَزِيمة وعِزاماً بالكسر. ويستعمل بمعنى القَسَمِ: عَزَمْتُ عليكَ لتَفعلَّنَّ.
والطلاقُ: إحلالُ العَقْدِ، يقال: طَلَقَتْ بفتح اللام - تَطْلُقُ فهي طالِقٌ وطالقَةٌ، قال الأعشى:
٩٧٠ - أيا جارتا بيني فإنَّكِ طالِقَهْ *...........................
وحكى ثعلب: "طَلُقت" بالضم، وأنكره الأخفش، والطلاقُ يجوز أَنْ يكون مصدراً أو اسمَ مصدرٍ وهو التطليقُ.
قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ﴾ ظاهرُه أنَّه جوابُ الشرطِ، وقال الشيخ: "ويَظْهَرُ أنَّه محذوفٌ، أي: فَلْيُوقِعوه. وقرأ عبد الله: "فإن فاؤوا فيهنَّ" وقرأ أبَيّ "فيها"، والضميرُ للأَشْهُرِ.
(٢/٤٠٨)
---


الصفحة التالية
Icon