وقرأ الحسن: "ثلاثَةَ قَرْوٍ" بفتحِ القافِ وسكونِ الراءِ وتخفيفِ الواوِ من غير همزٍ: ووجهُها أنه أضافَ العددَ لاسمِ الجنسِ، والقَرْو لغةً في القَرْءِ. وقرأ الزهري - ويُروى عن نافع -: "قُرُوّ" بتشديدِ الواوِ، وهي كقراءةِ الجمهورِ إلا أنه خَفَّفَ فَأَبْدَلَ الهمزةَ واواً وأَدْغَمَ فيها الواوَ قبلها.
قوله: ﴿لَهُنَّ﴾ متعلَّقٌ بـ"يَحِلُّ، واللامُ للتبليغِ، كهي في "قُلْتُ لكط.
قوله: ﴿مَا خَلَقَ﴾ في "ما" وجهان، أظهرُهما: أنَّها مصولةٌ بمعنى الذي، والثاني: أنها نكرةٌ موصوقةٌ، وعلى كِلا التقديرين فالعائدُ محذوفٌ لاستكمالِ الشروطِ، والتقديرُ: ما خَلَقَه، و "ما" يجوزُ أن يُرَاد بها الجنينُ وهو في حكمِ غيرِ العاقلِ. فلذلك أُوقِعَتْ عليه "ما" وأَنْ يُرادَ بها دمُ الحيضِ.
قوله: ﴿فِيا أَرْحَامِهِنَّ﴾ فيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلَّق بخَلق. والثاني: أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من عائِد "ما" المحذوفِ، التقديرُ ما خَلَقه الله كائناً في أرحامِهِنَّ، قالوا: وهي حالٌ مقدَّرَةٌ قال أبو البقاء: "لأنَّ وقتَ خَلْقِه ليس بشيءٍ حتى يَتِمَّ خَلْقُه". وقرأ مُبَشّرين عُبَيْد: "في أرحامهنَّ" و "بردِّهُنَّ" بضمِّ هاءِ الكنايةِ، وقد تقدَّم أنه الأًلُ وأنه لغةُ الحجازِ، وأنَّ الكسرَ لأجلِ تجانسِ الياءِ أو الكسرةِ.
قوله: ﴿إِن كُنَّ﴾ هذا شرطٌ، وفي جوابه المذهبانِ المشهورانِ: إمَّا محذوفٌ، وتقديرهُ مِنْ لفظِ ما تقدَّم لتقوى الدلالةُ عليه، أي: إن كُنَّ يُؤْمِنَّ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يَحِلُّ لهنَّ أَنْ يكتُمْنَ، وإمَّا أنه متقدِّمٌ كما هو مذهبُ الكوفيين وأبي زيد، وقيل: "إنْ" بمعنى إذ وهو ضعيفٌ.
(٢/٤١٤)
---