١٧٤- أبيضُ اللونِ لذيذٌ طَعْمُهُ * طَيِّبُ الرِّيقِ إذا الريقُ خَدَعْ
أي: فَسَد. والمصدر الخِدْعُ بكسر الخاء، ومثله: الخَدِيعة. ومعنى يخادعون الله أيْ مِنْ حيث الصورةُ لا مِنْ حيث المعنى، وقيل: لعدم عرفانِهم بالله تعالى وصفاته ظنُّوه مِمَّنْ يخادَعُ. وقال أبو القاسم الزمخشري/: "إنَّ اسمَ الله تعالى مُقْحَمٌ، والمعنى: يُخادِعون الذين آمنوا، ويكون من باب "أعجبني زيدٌ وكرمُه". المعنى: أعجني كرمُ زيد، وإنما ذُكر "زيدٌ" توطئةً لذِكْر كرمه" وجَعَل ذلك نظيرَ قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ وهذا منه غيرُ مُرْضٍ، لأنه إذا صَحَّ مسبةُ مخادعتِهم إلى الله تعالى بالأوجهِ المقتدمة فلا ضرورة تدعو إلى ادِّعاء زيادةِ اسم اللهِ تعالى، وأمَّا "أعجبني زيدٌ وكرمُه" فإنَّ الإعجابَ أُسْنِدَ إلى زيدٍ بجملتِه، ثم عُطِفَ عليه بعضُ صفاتِه تمييزاً لهذه الصفةِ مِنْ بينِ سائرِ الصفاتِ للشرفِ، فصار من حيث المعنى نظيراً لقولِه تعالى: ﴿وَمَلاائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ
. وفَاعَلَ له معانٍ خمسةٌ: المشاركةُ المعنويةُ نحو: "ضاربَ زيدٌ عمراً" وموافقةُ المجرد نحو: "جاوَزْتُ زيداً" اي جُزْتُه، وموافقةُ أَفْعَل متعدياً نحو: "باعَدْتُ زيداً وأَبْعدته"، والإغناءُ عن أَفْعل نحو: "وارَيْتُ الشيءَ"، وعن المجردِ نحو: سافَرْت وقاسَيْت وعاقَبْت، والآيةُ فيها فاعَلَ يحتمل المعنيين الأَوَّلَيْنِ. أمَّا أمَّا المشاركةُ فالمخادعةُ منهم لله تعالى تقدَّم معناها، ومخادعةُ الله إياهم من حيث إنه أجرى عليهم احكامض المسلمين في الدنيا، ومخادعةُ المؤمنين لهم كونُهم امتَثلوا أمرَ الله تعالى فيهم، وأمَّا كونُه بمعنى المجرد فيبيِّنه قراءةُ ابن مسعود وأبي حيوة: "يَخْدَعون".
(١/٨٧)
---


الصفحة التالية
Icon