وقوله: ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾: هذه جملةٌ فعليةٌ معطوفةٌ على الجملةِ الاسميةِ قبلها، مُتَسِبِّبَةٌ عنها، بمعنى أنَّ سبب الزيادة حصولُ المرضِ في قلوبهم، إذ المرادُ بالمرض هنا الغِلُّ والحَسَد/ لظهور دين الله تعالى. و "زاد" يستعمل لازماً ومتعدياً لاثنين ثانيهما غيرُ الأول كأعطى وكسا، فيجوز حذفُ معمولَيْه وأحدِهماا اختصاراً واقتصاراً، تقول: زاد المال، فهذا لازمٌ، وزِدْتُ زيداً خيراً، ومنه ﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾ "وزدتُ زيداً ولا تذكر ما زِدْتَه، وزدْتُ مالاً، ولا تذكر مَنْ زِدْتَه "وألفُ "زاد" منقلبةٌ عن ياء لقولهم: يزيدُ.
﴿وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ نظير قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ﴾ وقد تقدَّم. وأليم هنا بمعنى مُؤْلِم، كقوله:
١٧٩- ونَرْفَعُ مِنْ صدورِ شَمَرْدَلاتٍ * يَصُكُّ وجوهَها وَهَجٌ أليمُ
ويُجمع على فُعَلاء كشريف وشُرَفَاء، وأَفْعال مثل: شريف وأَشْراف، ويجوزُ أن يكونَ فعيل هنا للمبالغة مُحَوَّلاً من فَعِلَ بكسرِ العين، وعلى هذا يكون نسبةُ الألم إلى العذاب مجازاً، لأن الألم بمَنْ وَقَعَ به العذابُ لا بالعذاب، فهو نظيرُ قولهم: شِعْرٌ شاعِرٌ.
و ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ متعلِّقٌ بالاستقرارِ المقدَّرِ في "لهم" أي: استقر لهم عذابٌ أليم بسبب تكذيبهم. و "ما" يجوزُ أَنْ تَكونَ مصدريةً أي بكونِهم يكذبون وهذا على القول بأنَّ لـ "كان" مصدراً، وهو الصحيحُ عند بعضهم للتصريحِ به في قول الشاعر:
١٨٠- بِبَذْلٍ وحِلْمٍ ساد في قومه الفتى * وكونُك إياه عليكَ يَسيرُ
(١/٩٠)
---


الصفحة التالية
Icon