١٨٥- فقام أبو ليلى إليه ابنُ ظَالمٍ * وكان إذا ما يَسْلُلِ السيفَ يَضْرِبِ
وقد تكونُ للزمنِ الماضي كـ "إذ" كما قد تكون إذْ للمستقبل كـ "إذا" وتكون للمفاجأة أيضاً، وهل هي حينئذٍ باقيةٌ على زمانيتها أو صارَتْ/ ظرفَ مكانٍ أو حرفاً؟ ثلاثةُ أقوال، أصحُّها الأولُ استصحاباً للحالِ، وهل تتصرَّف أم لا؟ الظاهرُ عدمُ تَصَرُّفِها، واستدلَّ مَنْ زعم تصرُّفها بقولِه تعالى في قراءة مَنْ قرأ: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةً رَّافِعَةً إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجّاً﴾ بنصب ﴿خَافِضَةً رَّافِعَةً﴾، فَجَعَلَ "إذا" الأولى مبتدأ والثانيةَ خبرَها، التقديرُ: وَقْتُ وقوعِ الواقعة وقتُ رَجِّ الأرض، وبقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا﴾ ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ﴾ فجعلَ "حتى" حرفَ جر و "إذا" مجرورةً بها، وسياتي تحقيقُ ذلك في مواضِعِه. ولا تُضافُ إلا إلى الجملِ الفعليةِ خلافاً للأخفش.
وقولُه تعالى: "قيل" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمفعولِ، وأصلُه: قُولَ كضُرِبَ فاستُثْقِلت الكسرةُ على الواو، فَنُقِلَت إلى القافِ بعد سَلْبِ حركتِها، فَسَكَنَتَ الواوُ بعد كسرةٍ فقُلِبت ياءً، وهذه أفصحُ اللغاتِ، وفيه لغةٌ ثانية وهي الإشمامُ، والإشمامُ عبارةٌ عن جَعْلِ الضمةِ بين الضمِ والكسرِ، ولغةٌ ثالثةٌ وهي إخلاصُ الضم، نحو: قُولَ وبُوعَ، قال الشاعر:
١٨٦- ليت وهل يَنْفَع شيئاً ليتُ * ليت شباباً بُوْعَ فاشتريْتُ
وقال آخر:
١٨٧- حُوكَتْ على نِيْرَيْنِ إذ تُحاكُ * تَخْتَبِطَ الشَّوْكَ ولا تُشَاكُ
وقال الأخفش: "ويجوزُ "قُيْل" بضم القافِ والياءُ" يعني مع الياء لا أنَّ الياءَ تضمُّ أيضاً. وتجيءُ هذه اللغاتُ الثلاثُ في اختار وانقاد ورَدَّ وحَبَّ ونحوها، فتقول: اختير بالكسرِ والإشمامِ واختثور، وكذلك انقيد وانقُود ورُدَّ ورِدَّ، وأنشدوا:
(١/٩٣)
---


الصفحة التالية
Icon