(١/٩٥)
---
تقمْ أقمْ" كان "متى" منصوباً بفعلِ الشرط فكذلك "إذا". قال هذا القائل: "والذي يُفْسد مذهبض الجمهور جوازُ قولِك: "إذا قمت فعمورٌ قائمٌ"، ووقوعُ "إذا" الفجائية جواباً لها، وما بعد الفاء وإذا الفجائية لا يَعْمل ما بعدهما فيما قبلهما. وهو اعتراضٌ ظاهر.
وقوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ "إنَّ" حرفٌ مكفوفٌ بـ "ما" الزائدة عن العمل، ولذلك تليها الجملةُ مطلقاً، وهي تفيدُ الحصرَ عند بعضِهم. وأَبْعَدَ مَنْ زعم أن "إنما" مركبة من "إنَّ" التي للإثبات و "ما" التي للنفي، وأنَّ بالتركيب حدث معنىً يفيد الحصرَ. واعلم أنَّ "إنَّ" وأخواتِها إذا ولِيَتْها "ما" الزائدةُ بَطَلَ عملُها وذهب اختصاصُها بالأسمائ كما مرَّ، إلا "ليت" فإنه يجُوز فيها الوجهان سماعاً، وأنشدوا قولَ النابغة:
١٨٩- قالتْ ألا ليتما هذا الحمامَُ لنا * إلى حمامتِنا ونصفَُهُ فَقَدِ
برفع "الحمام" ونصبه، فأمَّا إعمالُها فلبقاءِ اختصاصِها، وأمَّا إهمالُها فلحَمْلِها على أخواتها، على أنه قد رُوي عن سيبويه في البيت أنها معملةٌ على رواية الرفع أيضاً بأن تَجْعل "ما" موصولةً بمعنى الذي، كالتي في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ و "هذا" خبرُ مبتدأ محذوف هوالعائدُ، و "الحَمام"، نعتٌ لـ "هذا" و "لنا" خبر لليت، وحُذِف العائدُ وإنْ لم تَطُلْ الصلةُ، والتقدير: ألا ليت الذي هو الحمامُ كائنٌ لنا، وهذا أوْلَى من أن يُدَّعَى إهمالُها، لأن المقتضَى للإعمال -وهو الاختصاصُ- باقٍ. وزعم بعضُهم ان "ما" الزائدةَ غذا اتصلت بأنَّ وأخواتِها جاز الإعمالُ في الجميع.
(١/٩٦)
---


الصفحة التالية
Icon