ثم قال: و ﴿يوم الدين﴾ في الظاهر هو يوم ظهور انفراد الحق بإمضاء المجازاة حيث تسقط دعوى المدعين، وهو من أول يوم الحشر إلى الخلود فالأبد، وهو في الحقيقة من أول يوم نفوذ الجزاء عند مقارفة الذنب في باطن العامل أثر العمل إلى أشد انتهائه في ظاهره، لأن الجزاء لا يتأخر عن الذنب وإنما يخفى لوقوعه في الباطن وتأخره عن معرفة ظهوره في الظاهر، ولذلك يؤثر عنه عليه الصلاة والسلام: «إن العبد إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء» وأيضاً فكل عقاب يقع في الدنيا على أيدي الخلق فإنما هو جزاء من الله وإن كان أصحاب الغفلة ينسبونه للعوائد، كما قالوا: ﴿مس آباءنا الضراء والسراء﴾ [الأعراف: ٩٥] ويضيفونه للمعتدين عليهم بزعمهم، وإنما هو كمال قال تعالى: ﴿وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم﴾ [الشورى: ٣٠] وكما ورد عنه عليه الصلاة والسلام: «الحمى من فيح جهنم، وإن شدة الحر والقر من نفسها» وهي سوط الجزاء الذي أهل الدنيا بأجمعهم مضروبون


الصفحة التالية
Icon