﴿ألا ترون﴾ أي تعلمون علماً هو كالرؤية ﴿أني أوفي الكيل﴾ أي أتمه دائماً على ما يوجبه الحق ﴿وأنا خير المنزلين *﴾ أضع الشيء في أولى منازله.
ولما رغبهم، رهبهم فقال: ﴿فإن لم تأتوني به﴾ أي بأخيكم أول قدمة تقدمونها ﴿فلا كيل لكم﴾ وعرفهم أنه لا يمنعهم من غيره فقال: ﴿عندي ولا تقربون *﴾ ومع ذلك فلم يخطر ببالهم أنه يوسف، فكأنه قيل: فما قالوا؟ فقيل: ﴿قالوا سنراود﴾ أي بوعد لا خلف فيه حين نصل ﴿عن أباه﴾ أي نكلمه فيه وننازعه الكلام ونحتال عليه فيه، ونتلطف في ذلك، ولا ندع جهداً؛ ثم أكدوا ذلك - بعد الجملة الفعلية المصدرة بالسين - بالجملة الاسمية المؤكدة بحرفي التأكيد، فقالوا: ﴿وإنا لفاعلون *﴾ أي ما أمرتنا به والتزامناه، وقد مضى عند ﴿وراودته﴾ أن المادة - يائية وواوية بهمز وبغير همز - تدور على الدوران، ومن لوازمه القصد والإقبال والإدبار والرفق والمهلة، وقد مضى بيان غير المهموز، وأما المهموز فمنه درأه، أي دفعه - لأن المدفوع يرد إلى الموضع الذي أتى منه، والمدارأة: المدافعة والمنازعة مطلقاً، أي سواء كانت برفق أو بعنف، ثم كثرت فقصرت