بالتحانية، ولنؤوله على قراءة الجماعة بالنون - من الميرة ما وظفه العزيز، وهو لكل واحد حمل، وأكدوا لما تقدم من فعلهم بيوسف عليه الصلاة والسلام مما يوجب الارتياب بهم، فقالوا: ﴿وإنا له﴾ أي خاصة ﴿لحافظون *﴾ أي عن أن يناله مكروه حتى نرده إليك، عريقون في هذا الوصف، فكأنه قيل: ما فعل في هذا بعد ما فعلوا إذ أرسل معهم يوسف عليه الصلاة والسلام؟ قيل: عزم على إرساله معهم، ولكنه أظهر اللجاء إلى الله تعالى في أمره غير قانع بوعدهم المؤكد في حفظه، لما سبق منهم من مثله في يوسف عليه الصلاة والسلام بأن ﴿قال هل آمنكم﴾ أي أقبل منكم الآن وفي مستقبل الزمان تأمينكم لي فيه مما يسوءني تأميناً مستعلياً ﴿عليه﴾ أي بنيامين ﴿إلا كما آمنتكم﴾ أي في الماضي ﴿على أخيه﴾ أي يوسف عليه الصلاة والسلام.
ولما كان لم يطلع يوسف عليه الصلاة والسلام على خيانة قبل ما فعلوا به، وكان ائتمانه لهم عليه إنما هو زمان يسير، أثبت الجار فقال: ﴿من قبل﴾ فإنكم أكدتم غاية التأكيد فلم تحفظوه لي ولم تردوه إليّ - والأمن: اطمئنان القلب إلى سلامة النفس - فأنا في هذا لا آمن عليه إلا الله ﴿فالله﴾ أي المحيط علماً وقدرة ﴿خير حافظاً﴾ منكم ومن كل أحد ﴿وهو﴾ أي باطناً وظاهراً ﴿أرحم الراحمين *﴾