فتهبطون بشيخوختي بحزن وشر القبر، والآن إذا نحن انطلقنا إلى عبدك أبينا وليس الغلام معنا ونفسه حبيبة إليه، فإذا علم أن الغلام ليس هو معنا يموت فيهبط عبدك شيبة أبينا بالشقاء والتشحيب، لأن عبدك ضمن الغلام لأبينا، وقلت: إني إذا لم آتك به أخطىء باقي جميع الأيام، والآن فليبق عبدك بدل الغلام عبداً لسيدي، وليصعد الغلام مع إخوته، لأني أفكر كيف أصعد إلى أبي وليس الغلام معي كيلا أعاين الشر الذي ينزل بأبي.
ولما أياسهم بما قال عن إطلاق بنيامين، حكى الله تعالى ما أثمر لهم ذلك من الرأي فقال: ﴿فلما﴾ دالاً بالفاء على قرب زمن تلك المراجعات ﴿استيئسوا منه﴾ أي تحول رجاءهم لتخلية سبيله لما رأوا من إحسانه ولطفه ورحمته يأساً شديداً بما رأوا من ثباته على أخذه بعينه وعدم استبداله ﴿خلصوا﴾ أي انفردوا من غيرهم حال كونهم ﴿نجياً﴾ أي ذوي نجوى يناجي بعضهم بعضاً، من المناجاة وهي رفع المعنى من كل واحد إلى صاحبه في خفاء، من النجو وهو الارتفاع عن الأرض - قاله الرماني، أو تمحضوا تناجياً لإفاضتهم فيه