﴿الأرض﴾ بسبب هذا، وإيصاله الفعل بدون حرف دليل على أنه صار شديد الالتصاق بها ﴿حتى يأذن لي أبي﴾ في الذهاب منها ﴿أو يحكم الله﴾ أي الذي له الكمال كله ووثقنا به ﴿لي﴾ بخلاص أخي أو بالذهاب منها بوجه من الوجوه التي يعلمها ويقدر على التسبب لها ﴿وهو﴾ أي ظاهراً وباطناً ﴿خير الحاكمين *﴾ إذا أراد أمراً بلغه بإحاطة علمه وشمول قدرته، وجعله على أحسن الوجود وأتقنها، فكأنه قيل: هذا ما رأى أن يفعل في نفسه، فماذا رأى لإخوته؟ فقيل: أمرهم بالرجوع ليعلموا أباهم لإمكان أن يريد القدوم إلى مصر ليرى ابنه أو يكون عنده رأي فيه فرج، فقال: ﴿ارجعوا إلى أبيكم﴾ أي دوني ﴿فقولوا﴾ أي له متلطفين في خطابكم ﴿ياأبانا﴾ وأكدوا مقالتكم فإنه ينكرها لكم فقولوا: ﴿إن ابنك﴾ أي شقيق يوسف عليه الصلاة والسلام الذي هو أكملنا في البنوة عندك ﴿سرق﴾.
ولما كانوا في غاية الثقة من أن أحداً منهم لا يلم بمثل ذلك، أشاروا إليه بقولهم: ﴿وما شهدنا﴾ أي في ذلك ﴿إلا بما علمنا﴾ ظاهراً من رؤيتنا الصواع يخرج من وعائه؛ والشهادة: الخبر عن إحساس قول أو فعل، وتجوز الشهادة بما أدى إليه الدليل القطعي ﴿وما كنا للغيب﴾ أي الأمر الذي غاب عنا ﴿حافظين *﴾ فلعل حيلة دبرت في ذلك غاب


الصفحة التالية
Icon