ومكان يمكن الاستقرار فيه ولا ماء به، فأراده بقوله: ﴿في غيابت الجب﴾ أي غوره الغائب عن الأعين، فإن ذلك كافٍ في المقصود، وإنكم إن تفعلوا ﴿يلتقطْهُ بعض السيارة﴾ جمع سيار، وهو المبالغ في السير، هذا ﴿إن كنتم﴾ ولا بد ﴿فاعلين *﴾ ما أردتم من تغييبه عن أبيه ليخلو لكم وجهه؛ والجب: البئر التي لم تطو، لأنه قطع عنها ترابها حتى بلغ الماء، وعن أبي عمرو: إن هذا كان قبل أن يكونوا أنبياء، فكأنه قيل: إن هذا لحسن من حيث إنه صرفهم عن قتله، فهل استمروا عليه أو قام منهم قائم في استنزالهم عنه بعاطفة الرحم وود القرابة؟ فقيل: بل استمروا لأنهم ﴿قالوا﴾ إعمالاً للحيلة في الوصول إليه، مستفهمين على وجه التعجب لأنه كان أحس منهم الشر، فكان يحذرهم عليه ﴿يا أبانا ما لك﴾ أيّ أي شيء لك في حال كونك ﴿لا تأمنا على يوسف و﴾ الحال ﴿إنا له لناصحون *﴾ والنصح دليل الأمانة وسببها، ولهذا قرنا في قوله
﴿ناصح أمين﴾ [الأعراف: ٦٨] والأمن: سكون النفس إلى انتفاء الشر، وسببه طول الإمهال في الأمر الذي يجوز قطعة بالمكروة فيقع الاغترار بذلك الإمهال من الجهال، وضده الخوف، وهو