أي الآنسين بأنفسهم المضطربين في آرائهم، ﴿لا يؤمنون *﴾ أي لا يتجدد منهم إيمان أصلاً بأنه الحق في نفسه وأنه من عند الله، بل يقولون: إنه من عند محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنه تخييل ليست معاينة - كما قلنا ﴿وما أكثر الناس ولو حرصت بؤمنين﴾ [يوسف: ١٠٣] فليس هدى لهم كاملاً ولا رحمة تامة، هذا التقدير محتمل، ولكن الذي يدل عليه ظاهر قوله تعالى: ﴿أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق﴾ [الرعد: ١٩] أن ﴿الذي﴾ مبتدأ، و ﴿من ربك﴾ صلة ﴿أنزل﴾ والخبر ﴿الحق﴾ والمقصود من هذه السورة هذه الآية، وهي وصف المنزل بأنه الحق وإقامة الدليل عليه، وذلك لأنه لما تم وصف الكتاب بأنه حكيم محكم مفصل مبين، عطف الكلام إلى تفصيل أول سورة البقرة، والإيماء إلى أنه حان اجتناء الثمرة في هذه السورة والتي بعدها، ويلتحم بذلك وصف المصدقين بذلك - كما ستقف عليه.
وقال الإمام أبو جعفر بن زبير رحمه الله في برهانه: هذه السورة تفصيل لمجمل قوله سبحانه في خاتمة سورة يوسف عليه السلام {وكأيّن من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون * وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون * أفامنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله


الصفحة التالية
Icon