قلوبهم بذكر الله هم أولو الألباب المتذكرون التامو الإيمان وهم القليل المشار إليهم في قوله تعالى ﴿وقليل ما هم﴾ [ص: ٢٤] والمقول فيهم ﴿أولئك هم المؤمنون حقاً﴾ [الأنفال: ٤] ودون هؤلاء طوائف من المؤمنين ليسوا في درجاتهم ولا بلغوا يقينهم، وإليهم الإشارة بقوله: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ [يوسف: ١٠٦] قال عليه الصلاة والسلام «الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل» فهذا بيان ما أجمل في قوله ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ وأما قوله تعالى: ﴿أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله﴾ [يوسف: ١٠٧] فما عجل لهم من ذلك في قوله: ﴿ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله﴾ القاطع دابرهم، والمستأصل لأمرهم، وأما قوله تعالى: ﴿قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة﴾ [يوسف: ١٠٨] الآية، فقد أوضحت آي سورة الرعد سبيله عليه السلام بينه بما تحملته من عظيم التنبيه وبسط الدلائل بما في السماوات والأرض وما بينهما وما في العالم بجملته وما تحمله الكتاب المبين - كما تقدم، ثم قد تعرضت السورة لبيان جليّ سالكي تلك السبيل الواضحة المنجية فقال تعالى: ﴿الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق﴾ [الرعد: ٢٠] إلى آخر ما حلاهم به أخذاً وتركاً، ثم عاد الكلام بعد إلى ما فيه من التنبيه


الصفحة التالية
Icon