الجبال أو غيرها من الأماكن التي تستضعفها لقوتها وقوة الأبخرة المصاحبة لها، فإن كان لتلك المياه مدد من جهة الفواعل والقوابل بحيث كلما نبع منها شيء حدث عقيبه شيء، وهكذا على الاتصال فهي النهر، والنهر: المجرى الواسع من مجاري الماء، وأصله الاتساع، ومنه النهار - لاتساع ضيائه.
ولما ذكر الأنهار ذكر ما ينشأ عن المياه فقال: ﴿ومن كل الثمرات﴾ ويجوز أن يكون متعلقاً بما قبله، ثم يكون كأنه قيل: من ينتفع بهذه الأشياء؟ فقيل: ﴿جعل فيها﴾ أي الأرض ﴿زوجين اثنين﴾ ذكراً وأنثى من كل صنف من الحيوان ينتفع بها، ويجوز أن يكون متعلقاً بما بعده فيكون التقدير: وجعل فيها من كل الثمرات زوجين اثنين ذكراً وأنثى تنتفع الأنثى بلقاحها من الذكر أو قربه منها فيجود ثمرها؛ والثمرة طعمة الشجرة، والزوج: شكل له قرين من نظير أو نقيض، فكأنه قيل: ما الذي ينضجها؟ فقال: ﴿يغشي اليل النهار﴾ أي والنهار الليل، فينضج هذا بحره ويمسك هذا ببرده، فيعتدل فعلهما على ما قدره تعالى لهما في السير من الزيادة والنقصان للحر والبرد للإخراج والإنضاج إلى غير ذلك من الحكم النافعة في الدين والدنيا الظاهر لكل ذي عقل أنها بتدبيره بفعله


الصفحة التالية
Icon