إنكارهم البعث ﴿فعجب﴾ عظيم لا تتناهى درجاته في العظم ﴿قولهم﴾ بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والدلالات الناطقة بعظيم القدرة على كل شيء منكرين: ﴿إذا كنا تراباً﴾ واختلط التراب الذي تحولنا إليه بالتراب الأصلي فصار لا يتميز، ثم كرروا التعجب والإنكار بالاستفهام ثانياً فقالوا: ﴿إنا لفي خلق جديد﴾ هذا قولهم بعد أن فصلنا من الآيات ما يوجب أنهم بلقاء ربهم يوقنون، وهذا الاستفهام الثاني مفسر لما نصب الأول بما فيه من معنى ﴿أنبعث﴾، والعجب: تغير النفس بما خفي سببه عن العادة، والجديد: المهيا بالقطع إلى التكوين قبل التصريف في الأعمال، وأصل الصفة القطع؛ قال الرماني: وقد قيل: لا خير فيمن لا يتعجب من العجب، وأرذل منه من يتعجب من غير عجب - انتهى، يعني: فالكفار تعجبوا من غير عجب: ومن تعجبهم فقد تعجب من العجب.
ولما كان هذا إنكار المحسوس من القدرة، استحقوا ما يستحق من يطعن في ملك الملك، فقال: ﴿أولئك﴾ أي الذين جمعوا أنواعاً من البعد مع كل خير ﴿الذين كفروا بربهم﴾ أي غطوا كل ما يجب


الصفحة التالية
Icon