أي عظيمة ثابتة ﴿للناس﴾ حال كونهم ظالمين متمكنين في الظلم مستقلين ﴿على ظلمهم﴾ وهو إيقاعهم الأشياء في غير مواضعها، فلا يؤاخذهم بجميع ماكسبوا ﴿ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة﴾ [النحل: ٦١] فلذلك يقيم الناس دهراً طويلاً يكفرون ولا يعاقبون حلماً منه سبحانه، والآية مقيدة بآية النساء ﴿ويعفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ [النساء: ٤٨] وإن لم يكن توبة، فإن التائب ليس على ظلمه.
ولما كان يمهل سبحانه ولا يهمل وذكر إمهاله، ذكر أخذه مؤكداً لمثل ما مضى فقال: ﴿وإن ربك﴾ أي الموجد لك المدبر لأمرك بغاية الإحسان ﴿لشديد العقاب *﴾ للكفار ولمن شاء من غيرهم، فلذلك يأخذ أخذ عزيز مقتدر إذا جاء الأجل الذي قدره.
ولما بين سبحانه أنهم غطوا آيات ربهم المتفضل عليهم بتلك الآيات وغيرها، عجب منهم عجباً آخر في طلبهم إنزال الآيات مع كونها متساوية الأقدام في الدلالة على الصانع وما له من صفات الكمال، فلما كفروا بما أتاهم كانوا جديرين بالكفر بما يأتيهم فقال: ﴿ويقول﴾ أي على سبيل الاستمرار ﴿الذين كفروا﴾ استهزاء بالقدرة ﴿لولا﴾ أي هلا ولم لا ﴿أنزل﴾ أي بإنزال أيّ كائن كان ﴿عليه آية﴾


الصفحة التالية
Icon