على الجواب المقدر قوله: ﴿وجاؤوا أباهم﴾ دون يوسف عليه الصلاة والسلام ﴿عشاء﴾ في ظلمة الليل لئلا يتفرس أبيهم في وجوههم إذا رآها في ضياء النهار ضد ما جاؤوا به من الاعتذار، وقد قيل: لا تطلب الحاجة بالليل فإن الحياء في العينين، ولا تعتذر بالنهار من ذنب فتتلجلج في الاعتذار. والآية دالة على أن البكاء لا يدل على الصدق لاحتمال التصنع ﴿يبكون *﴾ والبكاء: جريان الدمع في العين عند حال الحزن، فكأنه قيل: إنهم إذا بكوا حق لهم البكاء خوفاً من الله وشفقة على الأخ، ولكن ماذا يقولون إذا سألهم أبوهم عن سببه؟ فقيل: ﴿قالوا ياأبانا﴾.
ولما كانوا عالمين بأنه عليه الصلاة والسلام لا يصدقهم لما له من نور القلب وصدق الفراسة ولما لهم من الريبة، أكدوا فقالوا: ﴿إنا ذهبنا نستبق﴾ أي نوجد المسابقة بغاية الرغبة من كل منا في ذلك ﴿وتركنا يوسف﴾ أخانا ﴿عند متاعنا﴾ أي ما كان معنا مما نحتاج إليه في ذلك الوقت من ثياب وزاد ونحوه ﴿فأكله﴾ أي فتسبب عن انفراده أن أكله ﴿الذئب وما﴾ أي والحال أنك ما ﴿أنت بمؤمن لنا﴾ أي من التكذيب، أي بمصدق ﴿ولو كنا﴾ أي كوناً هو جبلة لنا ﴿صادقين *﴾ أي من أهل الصدق والأمانة بعلمك،


الصفحة التالية
Icon