سواه لا يخلو عن مجانس يماثله، وأين رتبة من يماثل من رتبة من لا مثل له ﴿القهار *﴾ الذي كل شيء تحت قهره بأنفسهم وظلالهم، وهو القادر بما لا يمكن أن يغلبه غالب وهو لكل شيء غالب، وهذا إشارة - كما مضى في مثله غير مرة في سورة يوسف وغيرها - إلى برهان التمانع، فإن أربابهم متعددون، فلو كانت لهم حياة وكانوا متصرفين في الملك لأمكن بينهم تمانع وكان كل منهم معرضاً لأن يكون مقهوراً، فكيف وهم جماد! فثبت قطعاً أنه لا شيء منهم يصلح للإلهية على تقدير من التقادير؛ قال الرماني: والواحد على وجهين: شيء لا ينقسم أصلاً، وشيء لا ينقسم في معنى كالدنيا.
ولما كان حمل الماء في العلو لا يمكن إلا عن قهر، وإنزاله في وقت دون غيره كذلك، أتبع هذا الختم قوله دليلاً مشاهداً عليه: ﴿أنزل﴾ ولما كان الإنزال قد يتجوز به عن إيجاد ما يعظم إيجاده، حقق أمره بقوله: ﴿من السماء﴾ ولما كان المنزل منها أنواعاً شتى قال: ﴿ماء فسالت﴾ أي فتسبب عن إنزاله لكثرته


الصفحة التالية
Icon