ولما كان إتيانهم من الأماكن المعتادة مع القدرة على غيرها أدل على الأدب والإكرام، قال: ﴿من كل باب *﴾ يقولون لهم: ﴿سلام عليكم﴾ والسلام: التحية بالكرامة على انتفاء كل شائب من مضرة، وبين أن سبب هذا السلام الصبر فقال: ﴿بما صبرتم﴾ أي بصبركم، والذي صبرتم له، والذي صبرتم عليه، إشارة إلى أن الصبر عماد الدين كله. ولما تم ذلك. تسبب عنه قوله: ﴿فنعم عقبى الدار *﴾ وهي المسكن في قرار، المهيأ بالأبنية التي يحتاج إليها والمرافق التي ينتفع بها؛ والعقبى: الانتهاء الذي يؤدي إليه الابتداء من خير أو شر.
ولما ذكر ما للناجين، ذكر مآل الهالكين فقال: ﴿والذين ينقضون عهد الله﴾ أي الملك الأعلى فيعملون بخلاف موجبه؛ والنقض: التفريق الذي ينفي تأليف البناء. ولما كان النقض ضاراً ولو كان في أيسر جزء، أدخل الجار فقال: ﴿من بعد ميثاقه﴾ أي الذي أوثقه عليهم بما أعطاهم من العقول وأودعها من القوة على ترتيب المقدمات المنتجة للمقاصد الصالحة الدالة على صحة جميع ما أخبرت به رسله عليهم الصلاة والسلام والتحية والإكرام؛ والميثاق: إحكام العقد بأبلغ ما يكون في مثله ﴿ويقطعون ما﴾ أي الشيء الذي ﴿أمر الله﴾ أي غير ناظرين إلى ما له من العظمة والجلال، وعدل عن أن


الصفحة التالية
Icon