هو الصلاح، وضده هو الفساد، وكان العقل إنما هو لمعرفة الصلاح فيتبع، والفساد فيجتنب، وكان الطالب لإنزال آية إلى غير ذلك لا سيما بعد آيات متكاثرة ودلالات ظاهرة موضعاً لأن يعجب منه، قال على سبيل التعجب عطفاً على قوله ﴿وفرحوا﴾ مظهراً لما من شأنه الإضمار تنبيهاً على الوصف الذي أوجب لهم التعنت: ﴿ويقول الذين كفروا﴾ أي ستروا ما دعتهم إليه عقولهم من الخير وما لله من الآيات عناداً ﴿لولا﴾ أي هلا ولم لا.
ولما كان ما تحقق أنه من عند الملك لا يحتاج إلى السؤال عن الآتي به، بني للمفعول قوله: ﴿أنزل عليه﴾ أي هذا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿آية﴾ أي علامة بينة ﴿من ربه﴾ أي المحسن إليه بالإجابة لما يسأله لنهتدي بها فنؤمن به، وأمره بالجواب عن ذلك بقوله: ﴿قل﴾ أي لهؤلاء المعاندين: ما أشد عنادكم حيث قلتم هذا القول الذي تضمن إنكاركم لأن يكون نزل إلي آية مع أنه لم يؤت أحد من الآيات مثل ما أوتيت، فعلم قطعاً أنه ليس إنزال الآيات سبباً للايمان بل أمره إلى الله ﴿إن الله﴾ أي الذي لا أمر لأحد معه ﴿يضل من يشاء﴾ إضلاله ممن لم ينب، بل أعرض عن دلالة العقل ونقض ما أحكمه


الصفحة التالية
Icon