ولما كان تفرده بالإلهية علة لقصر الهمم عليه، قال: ﴿عليه﴾ أي وحده لا شريك له ﴿توكلت﴾ والتوكل: التوثيق في تدبير النفس برده إلى الله على الرضى بما يفعل ﴿وإليه﴾ أي لا إلى غيره ﴿متاب *﴾ أي مرجعي، معنى بالتوبة وحساً بالمعاد، وهذا تعريض بهم في أن سبب كفرتم إنكار يوم الدين.
ولما فرغ من الجواب عن الكفر بالموحى، عطف على «هو ربي» الجواب عن الكفر بالوحي فقال: ﴿ولو﴾ إشارة إلى أنه يعتقد في القرآن ما هو أهله بعد ما أخبر عن اعتقاده في الرحمن، أي وقل: لو ﴿أن قرآناً﴾ كانت به الآيات المحسوسات بأن ﴿سيرت﴾ أي بأدنى إشارة من مشير ما ﴿به الجبال﴾ أي فأذهبت على ثقلها وصلابتها عن وجه الأرض ﴿أو قطعت﴾ أي كذلك ﴿به الأرض﴾ أي على كثافتها فشققت فتفجرت منها الأنهار ﴿أو كلم به الموتى﴾ فسمعت وأجابت لكان هذا القرآن، لأنه آية لا مثل لها، فكيف يطلبون آية غيره! أو يقال: إن التقدير: لو كان شيء من ذلك بقرآن غيره لكان به - إقراراً لأعينكم - إجابة إلى ما تريدون، لكنه لم تجر عادة لقرآن قبله بأن يكون به ذلك، فلم يكن بهذا القرآن،