رفعها لإفادة أن معنى الهلاك - وهو ضد الوأل الذي هو النجاة - ثابت ﴿للكافرين﴾ الذين ستروا أدلة عقولهم ﴿من عذاب شديد﴾ تتضاعف آلامه وقوته؛ والشدة: تجمع يصعب معه التفكيك.
ولما أشار إلى ما للكافرين، وصفهم بما عاقهم عن قبول الخير وتركهم في أودية الشر فقال: ﴿الذين يستحبون﴾ أي يطلبون أن يحبوا أو يوجدون المحبة بغاية الرغبة متابعة للهوى ﴿الحياة الدنيا﴾ وهي النشأة الأولى التي هي دار الارتحال، مؤثرين لها ﴿على الآخرة﴾ أي النشأة الأخرى التي هي دار المقام، وذلك بأن يتابعوا أنفسهم على حبها حتى يكونوا كأنهم طالبون لذلك، وهذا دليل على أن المحبة قد تكون بالإرادة؛ والمحبة: ميل الطباع إلى الشيء بالشهوة، فهم يمتنعون خوفاً على دنياهم التي منها رئاستهم عن سلوك الصراط ﴿و﴾ يضمون إلى ذلك أنهم ﴿يصدون﴾ أي يعرضون بأنفسهم ويمنعون غيرهم ﴿عن سبيل الله﴾ أي طريق الملك الأعظم؛ والسبيل: المذهب المهيأ للسلوك ﴿و﴾ يزيدون