على ذلك أنهم ﴿يبغونها﴾ أي يطلبون لها، حذف الجار وأوصل الفعل تأكيداً له ﴿عوجاً﴾ والعوج: ميل عن الاستقامة، وهو بكسر العين في الدين والأمر والأرض، وبالفتح في كل ما كان قائماً كالحائط والرمح ونحوهما ﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿في ضلال بعيد *﴾ أي عن الحق، إسناد مجازي، لأن البعيد أهل الضلال بميلهم عن الباقي إلى الفاني وبطلبهم العوج فيما قومه الله المحيط بكل شيء قدرة وعلماً.
ولما قدم ما أفهم أنه أرسله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلسان قومه إلى الناس كافة لأن اللسان العربي أسهل الألسنة وأجمعها وأفصحها وأبينها، فكان في غاية العدالة، وختم بأن السبيل إليه في غاية الاستقامة والاعتدال، دلّ على شرف هذا اللسان لصلاحيته لجميع الأمم وخفته عليهم بخصوص لسان كل من الرسل بقومه، فلذلك أتبعه قوله: ﴿وما أرسلنا﴾ أي بما لنا في العظمة، وأعرق في النفي فقال: ﴿من رسول﴾ أي في زمن من الأزمان ﴿إلا بلسان﴾ أي لغة ﴿قومه﴾ أي الذين فيهم قوة المحاولة لما يريدون ﴿ليبين﴾ أي بياناً شافياً ﴿لهم﴾ كما تقدم أنا أرسلناك بكتاب عربي بلسان قومك لتبين لهم