نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تعريفاً بأحوال من تقدمه من الأنبياء عليهم السلام ليسمع ذلك من جرى له مثل ما جرى لهم فقال مثل مقالتهم، فقال تعالى: ﴿ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية﴾ [الرعد: ٣٨] وأعلم سبحانه أن هذا لا يحط شيئاً من مناصبهم، بل هو واقع في قيام الحجة على العباد. ثم تلا ذلك بقوله: ﴿وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه﴾ [إبراهيم: ٤] أي ليكون أبلغ في الحجة وأقطع للعذر، فربما كانوا يقولون عند اختلاف الألسنة: لا نفهم عنهم، إذ قالوا ذلك مع اتفاق اللغات، فقد قال قوم شعيب عليه السلام ﴿وما نفقة كثيراً مما تقول﴾ [هود: ٩١] هذا وهو عليه السلام يخاطبهم بلسانهم فكيف لو كان على خلاف ذلك بل لو خالفت الرسل عليهم السلام الأمم في التبتل وعدم اتخاذ الزوجات والأولاد واستعمال الأغذية وغيرها من مألوفات البشر لكان منفراً، فقد بان وجه الحكمة في كونهم من البشر ولو كانوا من الملائكة لوقع النفار والشرود لافتراق الجنسية، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون﴾ [الأنعام: ٩] أي ليكون أقرب إليهم لئلا يقع تنافر فكونهم من البشر أقرب وأقوم للحجة. ولما كانت رسالة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامة، كان عليه الصلاة والسلام