وكلام أعدائه الذي هو من كلام الشيطان، فهو أبطل الأشياء وأخبثها، قرب سبحانه ذلك بمثل يتعارفه المخاطبون فقال: ﴿ألم تر﴾ أي يا من لا يفهم عنا هذا المثل حق الفهم سواه! ﴿كيف ضرب الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿مثلاً﴾ أي سيره بحيث يعم نفعه؛ والمثل: قول سائر يشبه فيه حال الثاني بالأول؛ ثم بينه بقوله: ﴿كلمة طيبة﴾ أي جمعت أنواع الكرم فليس فيها شيء من الخبث، وتلك الكلمة ﴿كشجرة طيبة﴾.
ولما كانت لا تسر إلا بالثبات، قال: ﴿أصلها ثابت﴾ أي راسخ في الأرض آمن من الاجتثاث بالرياح ونحوها ﴿وفرعها﴾ عالٍ صاعد مهتز ﴿في﴾ جهة ﴿السماء *﴾ لحسن منبتها وطيب عنصرها؛ فالآية من الاحتباك: ذكر «ثابت» أولاً دال على عال صاعد ثانياً، وذكر «السماء» ثانياً دال على الأرض أولاً.
ولما ذكر حالها، ذكر ثمرتها فقال: ﴿تؤتي أكلها﴾ أي ثمرتها بحسن أرضها ودوام ريّها ﴿كل حين﴾ على أحسن ما يكون من الإيتاء، لأن علوها منعها من عفونات الأرض وقاذورات الأبنية،


الصفحة التالية
Icon