ثم أحبتني زوجة صاحبي هذا فدخل عليّ من جهتها بلاء، فلا تحباني، فأبيا إلاّ حبه، فكأنه قيل: أيّ شيء اتفقى لهما بعد الدخول معه؟ فقيل: ﴿قال أحدهمآ﴾ ليوسف عليه الصلاة والسلام، ولعل التأكيد إما لأنه كانت عادتهما المزح، وإما لأنهما ما رأيا شيئاً - كما قال الشعبي - وإنما صنفا هذا ليختبراه به ﴿إني أراني﴾ حكى الحال الماضية في المنام ﴿أعصر﴾ والعصر: الاعتماد على ما فيه مائية ليحتلب منه ﴿خمراً﴾ أي عنباً يؤل إلى الخمر ﴿وقال الآخر﴾ مؤكداً لمثل ما مضى ﴿إني أراني أحمل﴾ والحمل: رفع الشيء بعماد نقله ﴿فوق رأسي خبزاً﴾ أي طعاماً مهيأ للأكل بالخبز، وهو عمل الدقيق المعجون بالبسط واللزق في حامٍ بالنار حتى يصلح للأكل ﴿تأكل الطير منه﴾ وسيأتي شرح الرؤيا من التوراة، فكأنه قيل: فماذا تريدان من الإخبار بهذا؟ فقالا: ﴿نبئنا﴾ أي أخبرنا إخباراً عظيماً ﴿بتأويله﴾ أي ما يرجع أمره ويصير إليه، فكأنه قيل: وما يدريكما أني أعرف تأويله؟ فقالا: ﴿إنا نراك﴾ على حالٍ علمنا بها علماً هو كالرؤية أنك ﴿من المحسنين *﴾ أي العريقين في وصف الإحسان لكل أمر تعانيه، فلذلك لاح لنا أنك تحسن التأويل قياساً، فلما رآهما بصيرين بالأمور ﴿قال﴾ إشارة إلى أنه يعرف


الصفحة التالية
Icon