والآخرة ﴿ما لا تعلمون *﴾ فلا تعلمون له موجداً غيره ولا مدبراً سواه.
ولما كانوا في أسفارهم واضطرابهم في المنافع بهذه الحيوانات وغيرها يقصدون أسهل الطرق وأقومها وأوصلها إلى الغرض، ومن عدل عن ذلك كان عندهم ضالاً سخيف العقل غير مستحق للعد في عداد النبلاء، نبههم على أن ما تقدم في هذه السورة قد بين الطريق الأقوم الموصل إليه سبحانه بتكفله ببيان أنه واحد قادر عالم مختار، وأنه هو المنعم، فوجب اختصاصه بالعبادة، وأخبرهم سبحانه أنه أوجب هذا البيان على نفسه فضلاً منه فقال تعالى: ﴿وعلى﴾ أي قد بين لكم الطريق الأمم وعلى ﴿الله﴾ أي الذي له الإحاطة بكل الشيء ﴿قصد السبيل﴾ أي بيان الطريق العدل، وعلى الله بيان الطريق الجائر حتى لا يشك في شيء منهما، فإن الطريق المعنوية كالحسية، منها مستقيم من سلكه اهتدى ﴿ومنها جائر﴾ من سلكه ضل عن الوصول فهلك ﴿وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم﴾ [التوبة: ١١٥] الآية ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً﴾ [الإسراء: ١٥] فالآية من الاحتباك: ذكر أن عليه بيان القصد أولاً دلالة على حذف أن عليه بيان الجائر ثانياً، وذكر أن من الطرق