وأنه مختار يفعل ذلك في الوقت الذي يريده.
ولما كان ذلك ممن يحس، وكان شغل الحواس بمنفعته - لقربه وسهولة ملابسته - ربما شغل عن الفكر في المراد به، فكان التفطن لدلالته يحتاج إلى فضل تأمل ودقة نظر، قال تعالى: ﴿لقوم يتفكرون *﴾ أي في أن وحدته وكثرة ما يتفرع عنه دليل على وحدة صانعه وفعله بالاختيار، وأفرد الآية لوحدة المحدث عنه، وهو الماء - كما قال تعالى في آية ﴿تسقى بماء واحد﴾ [الرعد: ٤] وسيأتي في آية النحل كلام الإمام أبي الحسن الحرالي في هذا.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: هذه السورة في التحامها بسورة الحجر مثل الحجر بسورة إبراهيم من غير فرق، لما قال تعالى ﴿فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون﴾ [الحجر: ٩٢] وقال تعالى بعد ذلك في وعيد المستهزئين ﴿فسوف يعلمون﴾ أعقب هذا ببيان تعجيل الأمر فقال تعالى ﴿أتى أمر الله فلا تستعجلوه﴾ [النحل: ١] وزاد هذا بياناً قوله ﴿سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ فنزه سبحانه نفسه عما فاهوا به في استهزائهم وشركهم وعظيم بهتهم، وأتبع ذلك تنزيهاً وتعظيماً فقال تعالى {خلق السماوات


الصفحة التالية
Icon