من خلق الناس، ثم ذكر بعض ما في المكشوف من الأرض المحيط به الهواء من التفاوت الدال على تفرد الصانع واختياره، وختمه باللون، أتبع ذلك بالمغمور بالماء الذي لا لون له في الحقيقة، إشارة إلى أنه ضمنه من المنافع والحيوانات التي لها من المقادير والكيفيات والأشكال والألوان البديعة التخطيط، الغريبة الصباغ - ما هو أدل من ذلك فقال: ﴿وهو﴾ أي لا غيره ﴿الذي سخر البحر﴾ أي ذلَّله وهيأه لعيش ما فيه من الحيوان وتكون الجواهر، وغير ذلك من المنافع، والمراد به السبعة الأبحر الكائنة في الربع المرتفع عن الماء، وهو المسكون من كرة الأرض المادَّة من البحر المحيط الغامر لثلاثة أرباع الأرض، فجعله بالتسخير بحيث يتمكن الناس من الانتفاع به بالركوب والغوص وغيرهما ﴿لتأكلوا منه﴾ أي بالاصطياد وغيره من لحوم الأسماك ﴿لحماً طرياً﴾ لا تجد أنعم منه ولا ألين، وهو أرطب اللحوم فيسرع إليه الفساد فيبادر إلى أكله عذباً لذيذاً مع نشبه في ملح زعاق ﴿وتستخرجوا منه﴾ أي بجهدكم في الغوص وما يتبعه ﴿حلية تلبسونها﴾