على عظيم ما يحصل لهم من مرتكبهم من الضرر وعيداً لهم فقال تعالى: ﴿ألا ساء ما يزرون *﴾ فأدخل همزة الإنكار على حرف النفي فصار إثباتاً على أبلغ وجه.
ولما كان المراد من هذا الاستكبار محو الحق وإخفاء أمره من غير تصريح بالعناد - بل مع إقامة شبه ربما راجت - وإن اشتد ضعفها - على عقول هي أضعف منها، وكأن هذا حقيقة المكر التي هي التغطية والستر كما بين في الرعد عند قوله تعالى:
﴿بل زين للذين كفروا مكرهم﴾ [الرعد: ٢٣] شرع يهدد الماكرين ويحذرهم وقوع ما وقع بمن كانوا أكثر منهم عدداً وأقوى يداً، ويرجي المؤمنين في نصرهم عليهم، بما له من عظيم القوة وشديد السطوة، فقال تعالى: ﴿قد مكر الذين﴾ ولما كان المقصود بالإخبار ناساً مخصوصين لم يستغرقوا زمان القبل، أدخل الجار فقال تعالى: ﴿من قبلهم﴾ ممن رأوا آثارهم ودخلوا ديارهم ﴿فأتى الله﴾ أي بما له من مجامع العظمة ﴿بنيانهم﴾ أي إتيان بأس وانتقام ﴿من القواعد﴾ التي بنوا عليها مكرهم ﴿فخر﴾ أي سقط مع صوت عظيم لهدته ﴿عليهم السقف﴾.
ولما كانت العرب تقول: خر علينا سقف ووقع علينا حائط -


الصفحة التالية
Icon