ارتكاباً للكذب من غير احتشام: ﴿ما كنا نعمل﴾ وأعرقوا في النفي فقالوا: ﴿من سوء﴾ فكأنه قيل: إن هذا لبهتان عظيم في ذلك اليوم الجليل، فماذا قيل لهم؟ فقيل: ﴿بلى﴾ قد عملتم أعظم السوء؛ ثم علل تكذيبهم بقوله: ﴿إن الله﴾ أي المحيط بكل شيء ﴿عليم﴾ أي بالغ العلم من كل وجه ﴿بما كنتم﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿تعملون *﴾ أي من الضلال والإضلال، فلا يسعكم الإنكار، أفما آن لكم أن تنزعوا عن الجهل فيما يضركم ولا ينفعكم ويخفضكم ولا يرفعكم!
ولما كان هذا الفعل مع هذا العلم سبباً لدخول جهنم من غير أن يقام لهم وزن، لأنه لا وزن لما ضيع أساسه، قال معقباً مسبباً: ﴿فادخلوا﴾ أي أيها الكفرة ﴿أبواب جهنم﴾ أي أبواب طبقاتها ودركاتها ﴿خالدين﴾ أي مقدرين الخلد ﴿فيها﴾ أي في جهنم التي دأبها تجهم من دخلها.
ولما كان هذا المقام للمشاققة. وكان أمرها زائد القباحة. كان هذا الدخول أقبح دخول، وكان سبباً لأن يقال: ﴿فلبئس﴾ بالأداة الجامعة لمجامع الذم ﴿مثوى المتكبرين *﴾ على وجه التأكيد وبيان الوصف الذي استحقوا به ذلك، لتقدم كذبهم في قولهم {ما كنا