غير محتاج إلى بعث الرسل، فإرسالهم عبث - تعالى الله الحكيم عن قولهم، فهو قول من يطلب العلة في أحكامه تعالى وفي أفعاله، وهو قول باطل، لأنه سبحانه الفعال لما يريد سواء أطلع العباد على حكمته أم لا: ﴿لو شاء الله﴾ أي الملك الأعظم المحيط بكل شيء قدرة وعلماً، عدم عبادتنا لغيره ﴿ما عبدنا﴾.
ولما كانت الرتب كلها متقاصرة عن رتبته وكانت متفاوته، وكان ما يعبدونه من الأصنام في أدناها رتبة، أدخلوا الجار فقالوا: ﴿من دونه﴾ وأعرقوا في النفي فقالوا: ﴿من شيء﴾ أي من الأشياء ﴿نحن ولا ءاباؤنا﴾ من قبلنا! ولما ذكروا الأصل أتبعوه الفرع فقالوا: ﴿ولا حرمنا﴾ أي على أنفسنا ﴿من دونه﴾ أي دون أمره ﴿من شيء﴾ لأن ما يشاء لا يتخلف على زعمكم، لكنه لم يشأ العدم، فقد شاء وجود ما نحن عليه، فنحن نتبع ما شاءه لا نتغير عنه، لأنه لا يشاء إلا ما هو حق، وضل عن الأشقياء - بكلمتهم هذه الحق التي أرادوا بها الباطل - أن مدار السعادة والشقاوة إنما هو موافقة الأمر لا موافقة الإرادة، فما كان من الفعل والكف على وفق الأمر سعد فاعله، وما خالفه قامت به الحجة على فاعله على