آخر أمر ﴿المكذبين *﴾ أي من عاد ومن بعدهم الذين تلقيتم أخبارهم عمن قلدتموهم في الكفر من أسلافكم، فإنهم كذبوا الرسل فيما أمرتهم بإبلاغه مخالفة لأمري وعملاً بمشيئتي، فأوقعت بهم لأنهم خالفوا أمري باختيارهم مع جهلهم بإرادتي، فقامت عليهم الحجة على ما يتعارفه الناس بينهم.
ولما كان المحقق أنه ليس بعد الإيصال في الاستدلال إلى الأمر المحسوس إلا العناد، أعرض عنهم ملتفتاً إلى الرؤوف بهم الشفيق عليهم، فقال مسلياً له صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ﴿إن تحرص على هداهم﴾ فتطلبه بغاية جدك واجتهادك ﴿فإن الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿لا يهدي﴾ أي هو بخلق الهداية في القلب - هذا على قراءة الكوفيين بفتح الياء وكسر الدال، ومن هاد ما بوجه من الوجوه على قراءة الجمهور بالبناء للمفعول ﴿من يضل﴾ أي من يحكم بضلاله، وهو الذي أضلهم فلا يمكن غيره أن يهديهم لأنه لا غالب لأمره؛ وقرىء شاذاً بفتح الياء من ضل بمعنى نسي، أي فلا تمكن هداية من نسيه، أي


الصفحة التالية
Icon