من ذلك وقد وعد به ﴿وعداً﴾ وبين أنه لا بد منه بقوله: ﴿عليه﴾ وزاده تأكيداً في مقابلة اجتهادهم في أيمانهم بقوله: ﴿حقاً﴾ أي لأنه قادر عليه وهو لا يبدل القول لديه، فصار واجباً في الحكمة كونه، وأمر البعث معلوم عند كل عاقل سمع أقوال الهداة تاركاً لهواه ﴿ولكن أكثر الناس﴾ أي بما لهم من الاضطراب ﴿لا يعلمون *﴾ أي لا علم لهم يوصلهم إلى ذلك لأنه من عالم الغيب لا يمكن عقولهم الوصول إليه بغير إرشاد من الله، ولا هم يقبلون أقوال الدعاة إليه الذين أيدهم بروح منه لتقيدهم بما توصلهم إليه عقولهم، وهي مقصورة على عالم الشهادة لا يمكنها الترقي منه إلى عالم الغيب بغير وساطة منه سبحانه تعالى، فلذلك ترى الإنسان منهم يأبى ذلك استعباداً لأن يكون شيء معقول لا يصل إليه بمجرد عقله وهو خصيم مبين.
ولما بين أنه لا بد من ذلك لسبق الوعد به من القادر، بين حكمته بأمر مبين أنه لا يسوغ تركه بوجه، وهو أنه لا يجوز في عقل عاقل أن أحداً ملكاً فما دونه يأمر عبيده بشيء ثم يهملهم فلا يسألهم ولا سيما إن اختلفوا ولا سيما إن أدى اختلافهم إلى المقاطعة والمقاتلة


الصفحة التالية
Icon