بذلك وإن دلت عليه الأدلة، ويجوز وهو أقرب - أن يعطف على قوله: ﴿وقال الذين أشركوا﴾ تبكيتاً لهم بأنهم احتجوا بحكمه، ولم يبادروا إلى امتثال أمره.
ولم كان قد فهم المراد من التثنية، وكان ربما قال المتعنت: إن المنهي عنه تكثير الأسماء، قال مؤكداً ومحققاً: ﴿اثنين﴾ تنبيهاً على أن الألوهية لأنه موضع لإمكان التنازع الملزوم للعجز المنافي لتلك الرتبة مطلق العدد ينافي المنيفة الشماء، وفي ذلك أيضاً - مع كون معبوداتهم كانت كثيرة - إشارة إلى أن ما يسمى آلهة - وإن زاد عدده - يرجع بالحقيقة إلى اثنين: خالق ومخلوق، ومن المعلوم لكل ذي لب أن المخلوق غير صالح للألوهية، فانحصر الأمر في الخالق، وإن لم يكن فيه الخالق كان منقسماً لا محالة، وأقل ما ينقسم إلى اثنين: وباب الاتخاذ إذا كان مفعوله نكرة، اكتفى بواحد كما تقول: اتخذت بيتاً، واتخذت زوجة - ونحو ذلك، ثم علل ذلك النهي بما اقتضاه السياق من الوحدانية فقال تعالى: ﴿إنما هو﴾ أي الإله المفهوم من لفظ ﴿إلهين﴾ الذي لا يستحق غيره أن يطلق عليه هذا الضمير إلا مجازاً، لأنه لا يطلق إطلاقاً حقيقياً إلا على ما وجدوه من ذاته ﴿إله﴾ أي يستحق هذا الوصف على الإطلاق.


الصفحة التالية
Icon