ولما كان أسلوب الغيبة من الحاضر دالاً على التردي بحجاب الكبر المؤذن بشدة البطش وسرعة الانتقام وبعد المقام، رجع إليه فقال تعالى: ﴿وله﴾ فأعاد الضمير على الله الاسم العلم الجامع لجميع الأسماء الحسنى ﴿ما في السَّماوات﴾.
ولما كان الأمر قد تأكد وتأطد، وظهر المراد منه غاية الظهور، لم يحتج إلى تأكيده بإعاداة النافي، فقال تعالى: ﴿والأرض﴾ أي مما تعبدونه وغيره، فكيف يتصور أن يكون شيء من ذلك إلهاً وهو ملكه، مع كونه محتاجاً إلى الزمان والمكان وغيرهما ﴿وله الدين﴾ أي الخضوع والتذلل من كل ما فيهما ومن فيهما بالطوع والكره، بإنفاذ القضاء والقدر، بالصحة والسقم، والغنى والفقر، والحياة والموت، والإيجاد والإعدام، والإذلال والإعزاز، والإقبال والإعراض - كما بين آنفاً، وله الدينونة بالمجازاة ﴿واصباً﴾ أي دائماً ثابتاً عاماً لا كالملوك الذين تنقطع ممالكهم مع خصوصها، والمعبودات التي تنقطع عبادتها في وقت من الأوقات


الصفحة التالية
Icon