من الأماكن وبغير ذلك من المنافع، الدال على الفعل بالاختيار وتمام الاقتدار ﴿إلى النحل﴾ أي بالإلهام؛ قال الرازي في اللوامع: فالله تعالى أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، فبعضها بالتسخير المجرد كالجمادات، وبعضها بالإلهام والتسخير كالنحل والسرفة - أي بضم وسكون، وهي دويبة تتخذ بيتاً من دقاق العيدان فتدخله وتموت - والعنكبوت، وبعضها بالتسخير والإلهام والعقل المتفق على نظام واحد كالملائكة، وبعضها بكل ذلك والفكر والتمييز والأعمال المختلفة المبنية على الفكر كالإنسان.
ولما كان في الإيحاء معنى القول، أتى ب «أن» المفسرة فقال تعالى: ﴿أن اتخذي﴾ أي افعلي ما يفعله المتكلف من أن يأخذ ﴿من الجبال بيوتاً﴾ أيّ بيوت! ما أعجبها! ﴿ومن الشجر﴾ أي الصالحة لذلك في الغياض والجبال والصحارى ﴿ومما يعرشون *﴾ أي يرفع الناس من السقوف والجدران وغيرها، وبدأ بالبيوت لأنها من عجب الدهر في حسن الصنعة وبداعة الشكل وبراعة الإحكام وتمام التناسب.


الصفحة التالية
Icon