من ذلك كانت قدرته عليه كقدرته على الشهادة من الساعة التي تنكرونها استعظاماً لها، ومن غيرهما بما فصله لكم من أول السورة إلى هنا من خلق السماوات والأرض وما فيهما ﴿وما أمر الساعة﴾ وهي الوقت الذي يكون فيه البعث، على اعتقادكم أنها لا تكون استبعاداً لها واستصعاباً لأمرها في سرعته عند الناس لو رأوه، ولذا عبر عنه بالساعة ﴿إلا كلمح البصر﴾ أي كرجع الطرف المنسوب إلى البصر أيّ بصر كان ﴿أو هو أقرب﴾ وإذا الخلق قد قاموا من قبورهم مهطعين إلى الداعي - هذا بالنسبة إلى علمهم وقياسهم، وأما بالنسبة إليه سبحانه فأمره في الجلالة والعظم والسرعة والإتقان يجل عن الوصف، وتقصر عنه العقول، ولا شك فيه ولا تردد، ولذلك علله بقوله تعالى: ﴿إن الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿على كل شيء﴾ أي ممكن ﴿قدير *﴾.
ولما انقضى توبيخهم على إيمانهم بالباطل وكفرانهم بالحق وما استتبعه، وختم بأمر الساعة، عطف على قوله تعالى ﴿والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً﴾ ما هو من أدلة الساعة وكمال القدرة والفعل بالاختيار من النشأة الأولى، فقال تعالى: ﴿والله﴾ أي الذي له العظمة كلها


الصفحة التالية
Icon