ولما كان لتبيان قد يكون للضلال، قال تعالى: ﴿وهدى﴾ أي موصلاً إلى المقصود. ولما كان ذلك قد لا يكون على سبيل الإكرام، قال تعالى: ﴿ورحمة﴾ ولما كان الإكرام قد لا يكون بما هو في أعلى طبقات السرور، قال سبحانه: ﴿وبشرى﴾ أي بشارة عظيمة جداً ﴿للمسلمين﴾ ويجوز أن يكون التقدير ﴿في كل أمة شهيداً عليهم﴾ وهو رسولهم الذي أرسلناه إليهم في الدنيا ﴿وجئنا بك شهيداً على هؤلاء﴾ لكوننا أرسلناك إليهم وجعلناك أميناً عليهم ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء﴾ فلا عذر لهم، فيكون معطوفاً على ما دل الكلام السابق دلالة واضحة على تقديره.
ولما بين تعالى فضل هذا القرآن بما يقطع حجتهم، وكان قد قدم فضل من يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم، أخذ يبين اتصاف القرآن ببيان كل شيء، وتضمنه لذلك الطريق الأقوم، فقال تعالى جامعاً لما يتصل بالتكاليف فرضاً ونفلاً، وما يتصل بالأخلاق والآداب عموماً وخصوصاً: ﴿إن الله﴾ أي الملك المستجمع لصفات الكمال ﴿يأمر بالعدل﴾ وهو الإنصاف الذي لا يقبل عمل يدونه،