له تلك الملة التي أمره باتباعها فقال تعالى: ﴿ادع﴾ أي كل من تمكن دعوته ﴿إلى سبيل ربك﴾ أي المحسن إليك، بتسهيل السبيل الذي تدعو إليه واتساعه، وهو الإسلام الذي هو الملة الحنيفية ﴿بالحكمة﴾ وهي المعرفة بمراتب الأفعال في الحسن والقبح والصلاح والفساد، وقيل لها حكمة لأنها بمنزلة المانع من الفساد وما لا ينبغي أن يختار، فالحكيم هو العالم بما يمنع من الفساد - قاله الرماني، وهي في الحقيقة الحق الصريح، فمن كان أهلاً له دعا به ﴿والموعظة﴾ بضرب الأمثال والوعد والوعيد مع خلط الرغبة بالرهبة والإنذار بالبشارة ﴿الحسنة﴾ أي التي يسهل على كل فهم ظاهرها، ويروق كل نحرير ما ضمنته سرائرها، مع اللين في مقصودها وتأديتها هذا لمن لا يحتمل إلا ذلك ﴿وجادلهم﴾ أي الذين يحتملون ذلك منهم افتلهم عن مذاهبهم الباطلة إلى مذهبك الحق بطريق الحجاج ﴿بالتي هي أحسن﴾ من الطرق بالترفق واللين والوقار والسكينة، ولا تعرض عنهم