نفسي بيده! إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير أو كما بين مكة وبصرى ثم أتبع ذلك ما يدل على شرف كتاب موسى وصحة نسبته إليه تعالى بما يقتضي شمول العلم وتمام القدرة بما كشف عنه الزمان من صدق إخباره، وفظاظة وعيده وإنذاره، تنبيهاً على أن من كذب بكتابه أهلكه كائناً من كان وإن طال إمهاله، فلا تغتروا بحلمه لأن الملوك لا تقر على أمر يقدح في ملكها، فقال تعالى: ﴿وقضينا﴾ أي بعظمتنا بالوحي المقطوع به، منزلين ومنهين ﴿إلى بني إسرائيل﴾ أي عبدنا يعقوب عليه السلام الذي كان أطوع أهل زمانه لنا ﴿في الكتاب﴾ الذي أوصلناه إليهم على لسان موسى عليه السلام ﴿لتفسدن﴾ أكد بالدلالة على القسم باللام لأنه يستبعد الإفساد مع الكتاب المرشد ﴿في الأرض﴾ أي المقدسة التي كأنها لشرفها هي الأرض بما يغضب الله ﴿مرتين ولتعلن﴾ أي بما صرتم إليه من البطر لنسيان المنعم ﴿علواً كبيراً *﴾ بالظلم والتمرد، ولا ينتقم منكم إلا على حسب ما تقتضيه حكمتنا في الوقت الذي نريد بعد إمهال طويل؛ والقضاء: فصل الأمر على إحكام ﴿فإذا جاء وعد أولاهما﴾


الصفحة التالية
Icon