وجد الأبواب مغلقة، وليس يخرج من المدينة ولا يدخل إليها أحد لما بين الخوارج من الحروب المتصلة، فما وجد من خاطبه من القوم، فانصرف راجعاً إلى عسكره.
قال: وكان قوم من أصحاب الخوارج لما علموا بمجيء طيطوس قد خرجوا من المدينة، فكمنوا له في بعض الطريق، فما اجتاز بهم وهو راجع أحاطوا به وحالوا بينه وبين أصحابه، فقاتلهم قتالاً شديداً حتى خلص بعد أن أشرف على الهلاك، فعلم ما القوم عليه من النجدة والشر فأعد لذلك عدته لما أراد الله من خراب القدس، وكان الله سبحانه وتعالى ملكه وعز سلطانه قد أظهر لبني إسرائيل أموراً دلتهم على زوال أمرهم لو أنهم تبصروا، منها شبه كوكب كبير له نور قوي وضوء شديد كان القدس يضيء منه البلد كله طول الليل قريباً من ضوء النهار، فأقام كذلك سبعة أيام مدة عيد الفصح، ففرح به الجهال واغتم العلماء، ومنها أنهم أحضروا في هذا العيد بقرة ليقربوها، فولدت خروفاً فاستنكر الناس ذلك، ومنها أن باب القدس الشرقي كان عظيماً ثقيلاً لا يعالجه إلا جماعة، فلما كان في تلك الأيام كانوا يجدونه كل يوم مفتوحاً من غير فاتح، فيجتمع الرجال المعتادون له فيغلقونه ثم يعودون إليه فيجدونه مفتوحاً، فكان الجهال يفرحون والعلماء


الصفحة التالية
Icon