فوجد يوحانان وشمعون وأصحابهما قد خرجوا من المدينة ليحرقوا الكبش، فابتدأهم طيطوس بالسلام وخاطبهم بالجميل والملاطفة وقال: قد رأيتم ما جرى من هدم هذين السورين، وليس يتعذر هدم السور الثالث، وقد علمتم أنكم ما انتفعتم في هذه المدة بما فعلتموه، وكذلك لا تنتفعون أيضاً بدوامكم على ما أنتم عليه من اللجاج في مخالفتنا. فارجعوا عن ذلك قبل أن أهدم هذا السور الباقي، وأستبيح المدينة، وأخرب الهيكل، ولست أختار ذلك ولا أريده، فإن رجعتم إلى طاعتنا كنا لكم على أفضل ما عهدتموه منا، ودامت لكم السلامة، وزال عنكم ما أنتم فيه من المكروه.
وأمر يوسف بن كريون أن يقرب منهم ويبلغ معهم الغاية في القول ويستدعيهم إلى المسالمة ويبذل لهم من الأمان والعهود ما يثقون به ويسكنون إليه، فوقف قدام باب المدينة وقال: اسمعوا مني يا معشر بني إسرائيل ما أنا مخاطبكم به، فإني إنما أخاطبكم يما ينفعكم ويعود بصلاحكم إن قبلتموه، واعلموا أن محاربة الأعداء ومقاومتهم قد كانت تحسن بكم حين كانت بلدانكم عامرة، وعساكركم متوافرة، وأحوالكم مستقيمة، فأما بعد أن


الصفحة التالية
Icon