محاربتهم وبعثتموني لم أخالفكم، وبذلت المجهود في مناصحتكم، وثبت في حصن يودنات إلى أن فنى أصحابي، وغلبني الأمر، ولم يبق لي حيلة، ثم حصلت مع الروم فما أساؤوا إليّ بل أحسنوا وأجملوا وعفوا عني وأنا معهم إلى هذه الغاية على ما أحب، وقد كنت اجتهدت قبل حصولي معهم أن أهرب إليكم فما تم لي ذلك، وأنا الآن أحمد الله تعالى إذ لم يسهل لي ذلك، فإني لو كنت معكم لكنت إما أن أشارككم في أفعالكم هذه فأكون مخطئاً، أو أخالفكم فتقتلوني ظلماً، فتأملوا ما خاطبتكم به ولا تظنوا أن الله ينصركم، فإنكم لا تستحقون ذلك لأنكم قد أسخطتموه، واستدلواعلى ذلك بآية عين سلوان، فإنها قد كانت قريبة من الجفاف قبل أن ينزل بكم هذه العساكر، فلما نزلوا غزرت فصارت كالنهر لتعلموا أن الله تعالى يريد معونة أعدائكم عليكم، وأنا أعلم أن كلامي لا يؤثر فيكم ليتم ما قد حكم الله به من هلاك هذه المدينة وخراب هذا القدس الجليل، ولذلك قد قست قلوبكم فصارت كالحجارة بل هي أقسى وأصلب من الحجارة، لأن الحجر قد يؤثر فيه


الصفحة التالية
Icon