عند كل من يسمع خبركم، ولو كنتم انصرفتم عنهم قبل هذا كان أحسن بكم، وأما الآن فلا عذر لكم في عجزكم عن محاربة قوم قد بلغ بهم الضر والجوع هذا المبلغ، فإن رجعتم عنهم طمع فيكم كل أحد، واجترأ عليكم كل من يخافكم، ولم لا تتأسون باليهود في الصبر والشجاعة مع فناء رجالهم، واجتماع المكاره عليهم، وانقطاع رجائهم، فصبرهم إما طمعاً في الظفر، أو أنفة من الغلبة، أو رغبة في بقاء الذكر، فأنتم أحق بذلك منهم لتدفعوا العار عن أنفسكم على أنكم قد صبرتم في أيام تيروس قيصر على محاربة هؤلاء القوم، وعملتم على أن لا ترجعوا عنهم إلا بعد الظفر، فلما ملك أسفسيانوس الذي هو أشجع من تيروس وأعظم بأساً، أردتم أن ترجعوا عنهم قبل أن تظفروا، فأيّ عذر لكم. فلما سمعوا هذا ثبتوا.
ثم مضى جماعة منهم ليلاً، فصعدوا من تلك الثلمة ودخلوا إلى المدينة فكبروا، فانتبه اليهود وكانوا قد ناموا لطول تعبهم وضرهم، ولزم كل منهم مكانه، ومضى طيطوس إلى أصحابه فوقف عند السور


الصفحة التالية
Icon