بختنصر ملك بابل وخرج إليه مستأمناً، انتفع بذلك ونفع قومه وبلده فسلموا، وأن صدقيا الملك لما لج في محاربة بختنصر ولم يسالمه كما أمرته الأنبياء، أهلك المدينة والأمة وأساء إلى نفسه وإليهم، فسبيلكم أن تعتبروا بهما وتهتدوا بأصوبهما فعلاً وأحمدهما عاقبة، فاقبلوا نصيحتي، واكتفوا بما جرى، ووعدهم أن يعفو عن جميع ما تقدم ويحسن إليهم - وأطال الكلام.
وكان يوسف بن كريون يترحم لهم ويبكي بكاء شديداً، ثم قال لهم يوسف: إني لست أعجب من خراب هذه المدينة، لعلمي بأن مدتها قد انتهت، ولكني أتعجب منكم وأنتم تقرؤون كتاب دانيال النبي عليه السلام وتعلمون ما ذكره من بطلان القرابين وعدم الكاهن المسيح، وأنتم مع ذلك لا تنكسرون ولا تخضعون لله، ولا تستسلمون لمن قد سلطه الله عليكم. فلم يقبل الخوارج ولا رجعوا غير أن جماعة من الكهنة والرؤساء تم لهم الخروج إلى الروم فآمنهم وأحسن إليهم، فمنع الخوارج من بقي، وضبطوا الطرق، فبكى اليهود وشكوا منع الخوارج لهم من الخروج، فأراد الخوارج قتلهم فبادر الروم ليخلصوهم فهجموا إلى القدس فقاتلوهم قتالاً شديداً فانهزم الروم، وأدتهم الهزيمة


الصفحة التالية
Icon