كما جاء عن بعض السلف: من لم يكن له ثلاث لم ينفعه عمله: إيمان ثابت، ونية صادقة، وعمل مصيب - وتلا هذه الآية، وهذا الرسوخ هو الإحسان الذي يدور عليه مقصود السورة؛ ثم رتب عليه الجزاء فقال: ﴿فأولئك﴾ أي العالو الرتبة لجمعهم الشرائط الثلاثة ﴿كان﴾ أي كوناً لا بد منه ﴿سعيهم مشكوراً *﴾ أي مقبولاً مثاباً عليه بالتضعيف مع أن بعضهم نفتح عليه أبواب الدنيا كداود وسليمان عليهما الصلاة والسلام ونستعمله فيها بما يحب، وبعضهم نزويها عنه كرامة له لا هواناً، فالحاصل أنها إن وجدت عند الوالي لم تشرفه، وإن عدمت عنه لم تحقره، وإنما الشرف وغيره عند الله بالأعمال.
ولما أخبر عن نفسه الشريفة بما يشير إلى التوسعة على من يريد من أهل الباطل، أخبر بأنه قضى بذلك في الأزل تفضلاً فقال تعالى: ﴿كلاًّ﴾ أي من الفريقين: مريد الدنيا ومريد الآخرة ﴿نمد﴾ أي بالعطاء؛ ثم أبدل من ﴿كلاًّ﴾ قوله تعالى: ﴿هؤلاء﴾ أي الذين طلبوا الدنيا نمد ﴿وهؤلاء﴾ الذين طلبوا الآخرة نمد ﴿من عطاء ربك﴾ أي المحسن إليه بجميع قضائه، إن ضيق على مؤمن فبالحماية من الدنيا


الصفحة التالية
Icon