بالمسلمين بآية ﴿ما كان للنبي﴾ لا منسوخ، ولقد أبلغ سبحانه في الإيصاء بهما حيث بدأه بأن شفع الإحسان إليهما بتوحيده ونظمه في سلكه، وختمه بالتضرع في نجاتهما، جزاء على فعلهما وشكراً لهما، وضيق الأمر في مراعاتهما حتى لم يرخص في أدنى شيء من امتهانهما، مع موجبات الضجر ومع أحوال لا يكاد يدخل الصبر إليها في حد الاستطاعة إلا بتدريب كبير.
ولما كان ذلك عسراً جداً حذر من التهاون به بقوله تعالى: ﴿ربكم﴾ أي المحسن إليكم في الحقيقة، فإنه هو الذي عطف عليكم من يربيكم وهو الذي أعانهم على ذلك ﴿أعلم﴾ أي منكم ﴿بما في نفوسكم﴾ من قصد البر بهما وغيره، فلا يظهر أحدكم غير ما يبطن، فإن ذلك لا ينفعه ولا ينجيه إلا أن يحمل نفسه على ما يكون سبباً لرحمتهما ﴿إن تكونوا﴾ أي كوناً هو جبلة لكم ﴿صالحين﴾ أي متقين أو محسنين في نفس الأمر؛ والصلاح: استقامة الفعل على ما يدعو إليعه الدليل، وأشار إلى أنه لا يكون ذلك إلا بمعالجة النفس وترجيعها كرة بهد فرة بقوله تعالى: ﴿فإنه كان للأوابين﴾ أي الرجاعين


الصفحة التالية
Icon