في الدنيا بما جبل الله في الطباع من فحش القتل، وكراهة كل أحد له، وبغض القاتل والنفرة منه، والأخذ على يده، وفي الآخرة بأخذ حقه منه من غير ظلم ولا غفلة، فمن وثق بذلك ترك الإسراف، فإنه لخوف الفوت أو للتخويف من العود.
ولما نهى عن الإغارة على الأرواح والأبضاع التي هي سببها، أتبعه النهي عن نهب ما هو عديلها، لأن به قوامها، وهو الأموال، وبدأ بأحق ذلك بالنهي لشدة الطمع فيه لضعف مالكه فقال تعالى: ﴿ولا تقربوا﴾ أي فضلاً عن أن تأكلوا ﴿مال اليتيم﴾ فعبر بالقربان الذي هو قبل الأخذ تعظيماً للمقام ﴿إلا بالتي هي أحسن﴾ من طرائق القربان، وهو التصرف فيه بالغبطة تثميراً لليتيم ﴿حتى يبلغ﴾ اليتيم ﴿أشده﴾ وهو إيناس الرشد منه بعد بلوغه.
ولما كانت الوصية نوعاً من أنواع العهد، أمر بوفاء ما هو أعم منها فقال تعالى: ﴿وأوفوا﴾ أي أوقعوا هذا الجنس في الزمان والمكان، وكل ما يتوقف عليه الأمر المعاهد عليه ويتعلق به ﴿بالعهد﴾


الصفحة التالية
Icon